سمنة الوزن الطبيعي كمية الشحم في الجسم أهم من عدد الكيلوغراماتماأعلنه الباحثون من مايوكلينك , ضمن فعاليات اللقاء السنوي للكلية الأمريكية للقلب بشيكاغو , في اليوم الأول من الشهر الحالي ( أبريل ) لم يكن كذبة أول أبريل , بل كان أحد الأطروحات العلمية الملفتة للنظر ..!!
وقد لا يتقبل البعض ذلك , لكن نتائج دراستهم الحديثة تقول أن نصف الرجال الأمريكيين والذين وزنهم ضمن المعدل الطبيعي , لديهم في الواقع ارتفاع في كمية الشحم في الجسم . . ولذا فإنهم لا يختلفون عن أولئك الذين لديهم ارتفاع في وزن الجسم !! أي أنهم وبارغم من وزنهم الطبيعي هم بالفعل "سمان" , وهم بالفعل عرضة للإصابة بأمراض الشرايين والقلب ومسبباتها ..!!
وقال الباحثون إن من لديهم من الرجال زيادة بنسبة 20% لكمية شحم الجسم ومن النساء بنسبة 30% , لديهم بالتعريف الطبي الجديد (( سمنة الوزن الطبيعي )) , بالرغم من أن مقدار عدد كيلوغرامات وزنهم طبيعية !! والمهم في الأمر , أن نسبة وجود هؤلاء الأشخاص مرتفعة نسبياً وأكثر مما يظن الكثيرون ...
ماالذي يعنيه هذا ؟؟!!يعني ببساطة أنه " منبه " للأطباء على عدم المجازفة بالقول أن الحفاظ على مقدار طبيعي لوزن الجسم هو السبيل الوحيد لحماية صحة الناس ..
لكن دعونا نراجع القصة من بدايتها , ولماذا تتغير نظرة الأطباء لتلك الوسيلة البدائية في قياس وزن الجسم ..؟؟مشكلة الطب أن الإرتجالية أو العفوية أو " حسن النية " لا مكان لها في معالجة الناس أو وقايتهم من من الأمراض ذات طبيعية تهدد سلامة الحياة . وحين الحديث عن أمراض من " فصيلة " الأمراض الشرسة , فإن مرض السكري وارتفاع ضغط الدم واضطرابات الكوليسترول والسمنة , هي الأولى على رأس القائمة .. والسبب أن تلك الأمراض الأربعة هي المدخل إلى ذلك النفق المظلم لأمراض شرايين القلب وشرايين الدماغ , بكل تداعياتهما .. وغني عن الذكر أن أمراض شرايين القلب هي " القاتل " العالمي الأول بلا منازع و " المهدد " العالمي الرئيسي لسلامة حياة البشر .
ولأن الحكمة والطب صنوان متلازمان , منذ أن بدأ انصراف بعض البشر نحو معالجة غيرهم من الأمراض التي تصيبهم , فإن الحكمة تتبنى مذهب قطع السبب أو التخفيف منه للوقاية من المرض أو معالجته .. وهو ما أثبت جدوى عالية في شأن أمراض القلب والدماغ ..
وأساس النجاح في قطع السبب هو معرفة السبب على حقيقته ومعرفة أوصافه الصحيحة .. ولذا فإننا لو لم نعلم ماهو ضغط الدم لما أدركنا تأثيره على شرايين القلب .. ولو لم ندرك ماهو الطبيعي وماهو غير الطبيعي و لما عرفنا كيف يمكننا تخفيف وإزالة ضرره على شرايين القلب .. ومما نلاحظه أن ما كان يعتبر " ضغط دم طبيعي " قبل بضع سنوات , لا يعتبر اليوم كذلك , وفق الإرشادات الطبية الحديثة .. والسبب أن الدراسات الطبية حينما قارنت بين من ضغطهم عال ٍ كان لا يزال ضمن ما كان يعتبر طبيعياً , بمن ضغطهم أكثر انخفاضاً , وأيضاً ضمن الطبيعي فإن الأفضل للوقاية من تداعيات أمراض شرايين القلب هو ماكان دون 120/ 80 أو مقارباً لها , بخلاف 135/ 89 ملم زئبق مثلاً ..
القصة ليست حول ضغط الدم أو الكوليسترول أو السكري , بل حول ماهو أبسط , وحول مالا يتطلب أي فحوصات , ألا وهو وهو وزن الجسم والسمنة ..
ماهو شائع إدراكه بين الناس أن معرفة أحدنا لعدد الكيلوغرامات التي يرصدها الميزان حينما يقف عليه , هو مؤشر السمنة .. لكن هذا شأن متأخر جداً في نظر الطب والأطباء إلى ماهي " السمنة " ..
وتوصل الأطباء في البداية أن النظر إلى مقدار عدد كيلوغرامات الجسم يجب أن يضاف إليه في الإعتبار الطول , ولذا ظهر مقدار " مؤشر كتلة الجسم " بقسمة مقدار الوزن بالكيلوغرامات على مقدار مربع الطول بالمتر .
ثم تحدث الأطباء عن أهمية مقدار محيط وسط الجسم , كمقياس لسمنة البطن دون بقية الجسم , باعتباره مؤشراً أفضل وأدق في تقييم سمنة الجسم .. ودلّت نتائج الدراسات الطبية على حقيقة جدوى الإعتماد على محيط وسط الجسم بدلاً من عدد كيلوغرامات وزن الجسم أو " مؤشر كتلة الجسم " ..
وكذلك تحدثوا عن إضافة مؤشر آخر , وهو سمك طبقة الشحم في منطقة العضد .. وحينما نظروا إلى مقدار سُمك طبقة الشحم تلك , وأضافوا اعتبار محيط وسط الجسم , خلصوا إلى تقييم أدق للسمنة من ناحية مدى تأثيراتها السلبية على سلامة شرايين القلب والدماغ ..
ولما طوّر الأطباء من نظرتهم إلى تأثيرات تقدم العمر على الإنسان وإلى تأثيرات تلك السلوكيات الخاملة في النشاط البدني وعدم ممارسة الرياضة البدنية , وجدوا أن كتلة عضلات الجسم تقل مع الوقت .. وكلنا يعلم أن تمارين بناء العضلات سينتج عنها تكوين كتله عضلية أضخم في العضد أو الفخذ أو غيره .. لكننا ننسى أن عدم ممارستنا لتحريك العضلات وتمرينها سيؤدي إلى ضمور حجمها وكتلتها ..
وتأتي الدراسة الأخيرة , لتقى مزيداً من الدعم لما كان يتحدث بعض الأطباء عنه همساً , بأن مقدار أرقام وزن الجسم بالكيلوغرامات هو ليس كل شيء .. وقال الباحثون من مايوكلينك في نتائجهم أن المقدار الطبيعي للوزن لا يعني أن وضع المرء هو على مايرام الوصول إليه , ولا أنه ليس معرّضاً لخطر أمراض القلب والشرايين ومسبباتها ..
هل لنا أن نتذكر " سمنة الوزن الطبيعي " , ونفعل شيئاً حيال التخلص من تلك الكميات الخفية للشحم في أجسامنا ...؟؟